ولا يضر ضعف الرواية لمكان إسماعيل بن مرار ولا إرساله، لانجباره بالعمل والشهرة العظيمة، ولا يضر عدم التوجه إلى نفس العشرة لندرته، ولعدم القول بالفصل، إذ الأكثر أعم من الأحد عشر ونحوه، ومما يخرج به عرفا عن صدق الاسم.
ولكن ما يترائى من الرواية عموم الحكم بالتقصير بعد الإقامة وإن صدق عليه اسم المكاري والملاح ونحو ذلك. وفيه إشكال.
وهذه الرواية أدل دليل على ما فهمه الأصحاب من أن العلة في الإتمام لهؤلاء هو كثرة السفر، وأن العشرة قاطعها، فلا بد في الرجوع إلى الإتمام صدق كثير السفر عليه، فعلى هذا يصح ذلك الحكم وإن صدق عليه اسم المكاري.
ويمكن أن يقال: إن المراد في الخبر هو أن العشرة قاطع لحكم هؤلاء بالتمام، ويحتاج في الرجوع إلى التمام إما صدق تلك العنوانات عليهم ثانيا، أو صدق كثير السفر عليهم، لكن الثمرة حينئذ يظهر لو أمكن زوال هذه العنوانات عنهم بمجرد تلك الإقامة. وهو احتمال بعيد. نعم يقرب ذلك لو نوى قطع العمل وتركه، وأقام ثم رجع بعد الإقامة. ولكنه غير ظاهر الخبر.
وبالجملة: اعتبار صدق هذه الأسامي على المسافر في الحكم بالإتمام على الإطلاق لا يجتمع مع القول برجوعهم إلى القصر بعد الإقامة على الإطلاق، وإذا خصصنا الإطلاقات بذلك فلا بد من بيان الغاية ومنتهى الرجوع إلى الإتمام.
وهو غير معلوم، فالمناص هو الرجوع إلى أحد الأمرين اللذين ذكرناهما، فتأمل.
ثم قد عرفت سابقا أن المحقق ومن تأخر عنه ألحق غير الوطن به في هذا الحكم إذا أقام فيه عشرة، ولكنهم اشترطوا في ذلك القصد والنية، ولم يعتبروا العشرة المترددة. والظاهر أن عدم اعتبارها إجماعي، كما يظهر من الشهيد الثاني (رحمه الله) في روض الجنان، فإنه صرح بأنه موضع وفاق (1). ولو لم تثبت الاجماع على ذلك لاتجه الحكم بالاكتفاء بالعشرة مطلقا لإطلاق النص، ويدل