وكلام ابن البراج ظاهر في كفاية مطلق صدق الاستيطان، ولم يقتصر على ستة أشهر مرة.
قال في الكامل: من كانت له قرية له فيها موضع يستوطنه وينزل به وخرج إليها وكان عدة فراسخ سفره على ما قدمناه فعليه التمام، وإن لم يكن له فيها مسكن ينزل فيه ولا يستوطنه كان له التقصير (1).
ومثله كلام أبي الصلاح قال: فإن دخل مصرا له فيه وطن فنزل فيه فعليه التمام إلى آخر ما قال (2).
وبمثل ما قال ابن البراج قال الشيخ في النهاية (3).
فمع ملاحظة تصريح الصدوق وظاهر كلام هؤلاء المشايخ العظام يقع الإشكال فيما ذكره الشهيد الثاني والعلامة (رحمهما الله)، ولعل ما ادعياه من الاجماع هو إذا ما أراد الاستيطان دائما وبقي فيها ستة أشهر، وسافر مع بقاء القصد المذكور، سواء أراد الدوام في تلك البلدة مطلقا، أو في كل سنة ستة أشهر مثلا. وأما ادعاء الاجماع على وجوب التمام في بلد أقام فيها ستة أشهر قبل عشرين سنة مع انقطاع قصد الإقامة فمشكل، إلا أن كلامهم غير قابل للتوجيه. ولو ثبت ذلك فالدليل هو الاجماع، لعدم دلالة الخبر على ذلك.
وإذا بنينا الأمر على ما ذكرنا فهل يعتبر الفعلية أم لا؟ الأظهر العدم، فلو قصد جعل منزلين دار إقامته على سبيل الاشتراك ستة أشهر في هذا وستة في ذاك فبوروده في كل منهما يتم، كما لو جعل بلد الإقامة بلدة واحدة، وهو مندرج في الصحيحة أيضا، ويصدق عليه أنه ليس بمسافر أيضا، فلا يجب في الإتمام أن يكون قد أتم السنة فيهما بكونه في كل منهما ستة أشهر حتى يصح له التمام. وظني أن هذه المسألة واضحة بالنظر إلى الأدلة.
ولعله في حكم البلدتين البلاد الثلاثة، بل والأربعة. والأمر في ذلك دائر مدار العرف، وصدق الوطن.