في الكافي: وفي رواية أخرى: المكاري إذا جد به السير فليقصر (1).
واختلف الأصحاب في معنى هذه الأخبار:
فقال الكليني (رحمه الله): " ومعنى جد به السير " يجعل منزلين منزلا (2)، وتبعه الشيخ في ذلك وقال: إنه يقصر في الطريق ويتم في المنزل (3)، واستدل عليه برواية عمران بن محمد (4)، وهي مع ضعف سندها لا يدل على ما ذكره، وظاهرها أنه يقصر ما بين منزل الخروج والنزول.
وقال الشهيد في الذكرى: المراد بجد السير أن يكون مسيرهما متصلا كالحج والأسفار التي لا يصدق عليها صنعته، ويحتمل أن يراد أن المكارين يتمون ما داموا يترددون في أقل من المسافة، أو في مسافة غير مقصودة، فإذا قصدوا مسافة قصروا، ولكن هذا لا تخصيص للمكاري والجمال به، بل كل مسافر (5).
إنتهى كلامه (رحمه الله).
وقال العلامة في المختلف: الأقرب عندي حمل الحديثين على أنهما إذا أقاما عشرة أيام قصرا (6).
وكل ما ذكروه مخالف لظاهر الأخبار، والظاهر إرادة المشقة الشديدة الخارجة عن معتادهم، وهو حكمة صريحة يحسنها العقل أيضا ويرتضيه، ويمكن تنزيل كلام الكليني (رحمه الله) على ذلك، بل هو مراده، وتخصيصه ذلك بالذكر لكونه هو الغالب.
وبالجملة: فالمناط ما ذكرنا، فنخصص تلك الإطلاقات بتلك الأخبار، ويمكن ادعاء ظهور أن الحكمة في القصر هو المشقة من تلك الأخبار، إذ لما صار عادة هؤلاء السفر فكان كالفعل الطبيعي لهم، فلا مشقة لهم فيه، وإذا خرج عن