معتادهم فيرجع إليه التقصير، وليكن ذلك على ذكر منك.
ثم إن هذا التخصيص خلاف المشهور بين الأصحاب، لكن اعتبار سندها وموافقتها للاعتبار، وقول الكليني بذلك في الجملة، وعمل جماعة من المتأخرين على ذلك يرجح ذلك، والله أعلم بأحكامه.
بقي الكلام في نفس تلك الأخبار وجمعها، فإن الرواية الأولى مقيدة بما بين المنزلين، والبواقي مطلقة، فإما أن يخصص الإطلاقات بها ويقتصر في التقصير فيما بين المنزلين وفي الطريق دون المنزل، أو يبقي المطلقات بحالها، ويحمل ذلك على التأكد والاهتمام. والحق أن الرواية لا تقاوم المطلقات، ولا يجوز التقييد.
وقد يقال: إن السير هو طي المسافة، فالقصر حال جد السير فقط لا ينفك عن التمام في المنزل، إذ لا يصدق على من كان في المنزل أنه يسير بجد.
وهو كما ترى، إذ الظاهر أن المراد من السير هو مجموع طي المسافة التي من لوازمه المكث ساعة، أو النوم ليلا ونحو ذلك، فعلق في الأخبار حكم وجوب التقصير على من ثبت له وصف الجد في السير مطلقا، لا في حال قطع الطريق.
ثم إن تلك الروايات وردت في المكاري والجمال، ففي تعميم الحكم بالنسبة إلى غيرهما إشكال: من جهة الاشتراك في العلة، وعدم القطع بها، والقياس باطل.
فنتوقف عليهما وقوفا على ظاهر الإطلاقات.
ثم اعلم أن الظاهر أن المراد بالسفر الذي يتم هؤلاء الصلاة فيه هو السفر الذي كان عملهم، ويظهر من الأخبار اعتبار الفعلية مع تسليم بقاء المبدأ في تلك المشقات أيضا، لأنها الملكات التي لا يشترط فيها التلبس بفعلية متعلقها فيها، فحينئذ لو اختار المكاري سفر الحج لنفسه ولم يكن في هذا السفر مكاريا بمعنى:
فعلية متعلق الملكة التي هي مبدؤه فلا يصح الحكم بجواز التمام حينئذ، وعلى هذا فقس.
ويدل على ذلك - مضافا إلى ما ذكرنا - ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: سألته عن المكارين الذين يكرون