المسافر حال إقامة العشرة عن هذا الشخص، فإذا كان كذا فلم يصدق على الشخص المذكور أنه مسافر شرعا.
والحاصل: أن حكم الشخص المذكور حكم من يريد منزله ووطنه الذي لا يريد التجاوز منه، وهو مستقر فيه بالفعل، فكما أن السفر ينقطع بوروده فيه ويصح سلبه عنه هاهنا فكذلك هاهنا.
فعلى هذا فقولنا: إن المقيم عشرة أيام ليس مسافرا، على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية، أن حكمه ليس حكم المسافر وإن كان مسافرا حقيقة، وعلى القول بثبوته، أنه ليس بمسافر شرعا، فلا يترتب عليه حكم من الأحكام الشرعية للمسافر بخلاف الأول، لأن الأصل الرجوع إلى العرف واعتماد الإطلاق إلا ما ثبت التقييد.
أو نقول: يظهر من تتبع موارد الأخبار اتحاد حكم بلد الإقامة وبلد الاستيطان، فيصح الحكم أيضا. ولعله إلى هذا نظر من يحكم بالتمام.
وأما الحكم فيما لو نوى المرور من منزله - الذي في الطريق - الذي لا يجوز فيه القصر فلعل الأمر فيه أوضح، لصحة سلب اسم المسافر عنه حينئذ عرفا أيضا.
ولكن إثبات الحقيقة الشرعية في السفر دونه خرط القتاد، وجعل عدم الإقامة شرطا مطلقا خارجا عن السفر واستفادته من الأدلة أصعب، وبالجملة المسألة محل إشكال.
وأما الأصول والقواعد ففي إجرائها هاهنا أيضا إشكال، إذ لا يمكن التشبث بالاستصحاب، لأن ثبوت التكاليف تابعة لشروطها، فقبل حضور الوقت لا معنى للتكليف، وعند حضوره: فكما يمكن أن يكون تكليفه التمام يمكن أن يكون تكليفه القصر. نعم هذا إنما يتم لو دخل عليه الوقت وتعلق به وجوب أحدهما على الظاهر، فله وجه. وهذا لا يكفي مع أن استصحاب براءة الذمة سابق عليه، وهو يقتضي التقصير.
وكذلك أصالة العدم لو جوزنا جريانهما في العبادة.