والأخبار الباقية تدل على مطلق أفضلية المخالفة.
ففي الأدلة تناف على الظاهر كما لا يخفى، فالاستدلال بكل ذلك على استحباب مطلق المخالفة تأمل ظاهر. ويمكن أن يدفع ذلك بحمل الأخبار على ما اقتضاه آية الخلفة وما في معناها، ويقربه أن الغالب في فوات صلاة الليل أن النوم وغيره من الموانع يورث الفوات، وأن الليل شأنها ذلك، فكيف يجعل وقت القضاء أيضا ذلك، فلعل وجه تلك الأخبار ذلك، وأن القيد فيها محمول على الغالب، ويظهر ذلك لمن تتبع الأخبار، ولهذا قال (عليه السلام) في موثقة أبي بصير المتقدمة: إن قويت فاقض صلاة النهار بالليل (1)، ويؤيده أيضا التفرقة في موثقة محمد بن مسلم (2).
فغاية الأمر أن الأخبار مطلقة وآية الخلفة مقيدة فيحمل المطلق على المقيد، وبهذا يتحقق المسارعة أيضا لثبوت الأعم بثبوت الأخص، فيرتفع التنافي بين الأخبار والآيتين.
لكن هذا لا ينطبق على المدعى، وهو إطلاق المخالفة ويثبت أفضلية خصوص ما اقتضاه آية الخلفة، وأما بعد خروج ذلك عن التمكن فلا يمكنهم القول بأفضلية المخالفة أيضا، إذ ليس لهم بعد إلا إطلاق آية المسارعة، وهو لا يثبت أفضلية المخالفة مطلقا، إذ هو أعم.
ولو سلمنا عدم تقييد الأخبار بآية الخلفة وقلنا بإطلاقها وقلنا إن مرادهم بالاستدلال بآية الخلفة في خصوص اليوم الأول وفي غيره بغيرها فلا يفيد أيضا، إذ بين الأخبار وآية المسارعة تعارض من وجه حينئذ، وتخصيص تلك الأخبار بالآية يناقض مطلبهم صريحا، وأما تخصيص آية المسارعة بتلك الأخبار - فمع الإشكال في تخصيص مثل تلك الأخبار لظاهر الكتاب - فيلزم منه تخصيص لا يرتضيه أهل التحقيق، لأن الباقي حينئذ هو اليوم المتخلف والليلة المتخلفة ليس