فلا تنافي بينها وبين عدم الجواز على الثوب القطني أو ما لبس من النبات، فيجوز السجود على القطن والكتان قبل أن يصيرا ثوبا، لعدم كونهما ثوبا ولا ملبوسا.
ولا يخفى ما فيه لأن المراد مما اكل ولبس في الأخبار هو ما من شأنه ذلك كما يفهم في العرف، فلا وجه للقول بعدم المنافاة. والتخصيص بغيرهما من جهة تلك الأخبار إنما يصح لو ثبت المقاومة، وقد عرفت الحال، مع أن رواية أبي العباس صريحة في المطلوب، وسندها أيضا أقوى من تلك الأخبار مع اعتضادها بما ذكرنا. ويظهر مما ذكر ضعف قول العلامة (رحمه الله) أيضا، مع أن مجرد الغزل لا يوجب إطلاق الملبوس عليه حقيقة، وقد ورد في مروية في كتاب العلل لمحمد ابن علي بن أبي إبراهيم في بعض الأخبار النهي عن السجود على الصوف، وهو أيضا دال على بطلان قوله بضميمة عدم القول بالفصل.
الثاني: الحنطة والشعير قبل الطحن، فقد خالف فيه العلامة (1) (رحمه الله)، ومما ذكرنا هنا يظهر أن خلافه أيضا في جواز السجود عليهما ليس بشئ، والاحتجاج في ذلك بأن القشر الأعلى مما لا يؤكل عادة أيضا ضعيف، سيما في الحنطة، مع أن الصدوق يروي في الخصال عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
لا يسجد الرجل على كدس حنطة، ولا شعير، ولا على لون مما يؤكل، ولا يسجد على الخبز (2).
والمحكم في المأكول والملبوس هو العادة والعرف العام، فلا عبرة بأكله نادرا، كبعض العقاقير.
ولا يمكن القول بأن المعتبر عند كل قطر هو مأكولهم وملبوسهم، لأن ما يمكن أن يستند فيه في فهم كلام المعصوم هو العرف العام، ومع الاختلاف فيشكل الأمر.
وربما يمكن استنباط تعميم من قول الصادق (عليه السلام) في ذيل صحيحة هشام المتقدمة حيث سأله عن العلة في ذلك الحكم قال: لأن السجود خضوع لله عز وجل، فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس، لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون