قال في الكنز: وكأن أهل مكة قد منعوا النبي - صلى الله عليه وآله - عام الحديبية سنة ست في ذي القعدة وهتكوا الشهر الحرام فأجاز الله سبحانه للنبي - صلى الله عليه وآله - وأصحابه أن يدخلوا في سنة سبع في ذي القعدة لعمرة القضاء مقابلا لمنعهم في العام الأول، ثم قال: والحرمات قصاص أي يجوز القصاص في كل شئ حتى في هتك حرمة الشهور.
ثم عمم الحكم فقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فإن دفع الشر خير وتسمية المجازي معتديا مجاز تسمية للشئ باسم مقابله - إلى أن قال -:
ويستفاد من هذه الآية أحكام، الأول إباحة القتال في الشهر الحرام لمن لا يرى له حرمة أعم من أن يكون ممن يرى الحرمة أو لا، لأنه إذا جاز قتال من يرى حرمته، فقتال غيره أولى (١)، انتهى.
وأما الثالث منها، فلقوله تعالى: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام، واخراج أهله منه أكبر عند الله، والفتنة أكبر من القتل﴾ (2).
قال في الكتاب المتقدم: وفي الآية أحكام: الأول: تحريم القتال في الشهر الحرام، لقوله تعالى: (قتال فيه كبير) أي ذنب كبير، لكن عند أصحابنا ليس ذلك على إطلاقه، بل التحريم بالنسبة إلى من يرى حرمة الشهر الحرام إذا لم يبدأ، وأما من لا يرى لها حرمة، أو يرى ويبدأ فيجوز القتال، ولذلك قال تعالى. (قتال) بالتنكير، والنكرة في الاثبات لا تعم، وقال الأكثر أنه كان حراما مطلقا ثم نسخ، وقال عطا بل التحريم