قيل: واستثنى الفاضل في الكتابين والتحرير ما يحتاج إليه من الحشيش للعلف، لخبر عامي، ولأن بقرب المدينة أشجارا وزروعا كثيرة، فلو منع من الاحتشاش للحاجة لزم الحرج المنفي في الشريعة، بخلاف حرم مكة، واستثنى ابن سعيد - يعني في الجامع - عودي الناضح (1)، كما في الصحيح:
حرم رسول الله - صلى الله عليه وآله - ما بين لابتيها صيدها وحرم ما حولها بريد في بريد، أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها، إلا عودي الناضح (2).
أقول: واللابة الحرة، كما عن الجوهري (3)، والخلا الرطب من النبات، واختلائه جزه، كما عن نص أهل اللغة.
(ولا بأس بصيده، إلا ما صيد بين الحرتين) قيل: حرة وأقم، وهي شرقية المدينة، وحرة ليلى، وهي غربيتها، وهي حرة العقيق، ولها حرتان أخريان جنوبا وشمالا يتصلان بهما، فكان الأربع حرتان، فلذلك اكتفي بهما، وهما حرتا قبا وحرة الرجلى ككسرى ويمد، يترجل فيها لكثرة حجارتها (4).
وما اختاره الماتن من التفصيل بين ما صيد في الحرتين فيحرم، وما صيد في غيرهما فلا، هو الأقوى، وعزاه جمع إلى أكثر علمائنا، بل عليه الاجماع، كما عن صريح الخلاف (5) وظاهر المنتهى (6)، للصحيح: يحرم صيد المدينة وما صيد بين الحرتين (7).