ولعله لصحيح الأول، حيث جعل فيه الحيات كالسباع في المنع عن قتلها إذا لم يرده. ونحوه الصحيح الآخر: اتق قتل الدواب كلها، إلا الأفعى والعقرب والفأرة، فأما الفأرة فإنها توهي السقاء، وتضرم على أهل البيت، وأما العقرب فإن رسول الله - صلى الله عليه وآله - مد يده إلى الحجر فلسعته، فقال: لعنك الله لا برا تدعينه ولا فاجرا، والحية إن أرادتك فاقتلها، وإن لم تردك فلا تردها، والأسود الغدر فاقتله على كل حال، وارم الغراب والحدأة رميا على ظهر بعيرك (1).
وفيه نظر، لعدم مقاومتهما لما تقدم من وجوه شتى، فليطرحا، أو يؤولا بإرجاع الضمير في قوله في الصحيح الأول: (فإن لم يردك فلا ترده) إلى خصوص السباع دون الحيات، أو يحمل النهي على مطلق المرجوحية الشاملة للكراهة، وكذلك الصحيحة الأخيرة.
وهذا الحمل فيها أقرب من تقييد إطلاق قتل هذه الأفراد في صدرها بما إذا أرادته، لما مر، مضافا إلى أنها صريحة في جواز قتل الغدر الأسود على كل حال.
وحيث أنه لم يقل بهذا التفصيل في الحيات أحد يلزم إما إطراحها رأسا وليس بجائز، مع إمكان الحمل على الصحيح وأقرب المجازات.
فتعين حمل النهي فيما عدا الأسود الغدر على الكراهة، ولا ريب فيها فتوى ونصا. فهذا الصحيح أقوى دليلا على الجواز ولو مع الكراهة، كما قلنا.
(و) يستفاد منه ومن الصحيح السابق جواز (رمي الغراب) بأقسامه (والحدأة) مطلقا في الحرم وغيره، مع الاحرام ولا معه، وعن