ظاهرة في إرادتهم عدم البطلان في نفس الأمر وأنه محل الآن وواقعا، لقوة احتمال إرادتهم ما ذكرناه في تفسير المتن، ولا ريب أن عدم البطلان بذلك المعنى مما لا خلاف فيه ولا شبهة تعتريه، كما قدمناه.
لا يقال: إن قوله - عليه السلام - في الموثق الأخير: وإن اختلفوا في الميعاد فلا يضره بنفي الضرر على العموم، من غير تقييد بوجوب الامساك، ولا ريب أن وجوبه ضرر.
لأنا نقول: الظاهر أن المراد أن الخلف لا يوجب ضررا عليه فيما فعله مما يجتنبه المحرم، لا أنه لا يجب عليه الامساك، فإن وجوب الامساك لم ينشأ من خلف الوعد، وإنما نشأ من الاحرام السابق.
نعم لما كان في ممكن الخطأ فتبين الخلف تبين البقاء، فوجوب الامساك إنما نشأ منه لا من الخلف، إذ لا وجه لتوهم إيجابه بنفسه الامساك والضرر من جهته، حتى يدفع بنفي الوجوب، الذي هو ضرر من جهته.
ولو سلم عموم الضرر المنفي له نقول: إنه مخص بالأمر السابق، وهو أولى من حمله على الاستصحاب.
نعم يمكن أن يقال: إن ظاهر الموثق الأول كون وقت الامساك حين البعث لا حين الانكشاف، (فلو بعثه بعد حين لم يجب عليه الامساك قبل البعث ولو بعد الانكشاف) (1)، وهذا ظاهر في تحقق الاحلال في الواقع، وأن الأمر بالإمساك ليس للاحرام السابق، وهذا المفهوم معتبر في الأصل،