وإنما غايتهما أنه ليس عليهم بعد الجزية شئ، فإذا جعلها الإمام على رؤوسهم فليس عليهم بعد هذ الجزية شئ آخر غيرها على أموالهم وبالعكس، لا أنه ليس للإمام أن يقسط عليهما مثلا، ولا تعرض لهما فيهما بنفي أو إثبات أصلا.
فينبغي الرجوع فيهما إلى مقتضى الأصول والعمومات، وهو الجواز مطلقا، كما قدمنا.
ثم إنه ليس في المتن وعبائر كثير تقييد الجواز بالابتداء، وقيده به في الشرائع (1)، معربا عن عدم الخلاف بالمنع في غيره.
وظني أن المراد به الاحتراز عما لو تصالح ابتداء معهم على جزية رؤوسهم أو أراضيهم أحدهما فلا يجوز له أخذ جزية أخرى، ولو موضوعة على غير ما وضع عليه الأخرى، كما تقدم التصريح به في المنتهى (2)، ونحوه الفاضل المقداد في شرح الكتاب.
فقال بعد نقل القولين مع الدليل من الطرفين: والأقوى أن نقول إذا اتفقوهم والإمام على قدر معين، فأراد الإمام بعد ذلك تقسيطه على الرؤوس والأموال جاز، وأما إذا أراد جعل جزية أخرى على الأرض فلا يجوز للرواية (3). وأشار بها إلى الصحيحين.
أقول: وفي دلالتهما على ذلك أيضا نظر، يظهر وجهه مما مر.
وفي المسالك: أنه أحترز بذا القيد عما لو وضعها على رأس بعضهم وعلى أرض بعض آخر، فانتقلت الأرض التي وضعت عليها إلى من وضعت على رأسه، فإنه يجتمع عليه الأمران، لكن ذلك ليس ابتداء، بل بسبب