ومقتضى كونه من ناحية العقل، جواز تصرف الغير في حكم الآخر، وهو غير ممكن، وبلا محصل.
فالعقل لا شغل له ولا حكم له إلا درك لزوم الإطاعة والامتثال، ودرك مورد الإطاعة والامتثال، وأن في مورد الجهل والعجز يكون العبد معذورا، دون حال العلم والقدرة.
وغير خفي: أن ما أفاده القوم في لزوم تقييد الخطابات بالنسبة إلى القدرة، يقتضي لزوم تقييدها بالنسبة إلى العلم، لاشتراك الجاهل مع العاجز في قبح الخطاب " (1).
ثم أضاف - مد ظله - إشكالا مع جوابه حول إمكان إتمام الحجة بالنسبة إلى العاصي، فيكون الخطاب إليه ممكنا، وقال: " إن ذلك غير صحيح، لإن إتمام الحجة في مورد امتناع ترشح إرادة البعث بداعي الانبعاث، غير صحيح (2).
أقول أولا: بعد إمكان تصوير الخطابات القانونية، والتكليف الفعلي في مورد العجز، لا حاجة إلى هذه المقدمة، ولا مدخلية لها فيما هو المقصود بالمقام. وقد عرفت: أنهم لأجل ابتلائهم بعدم تمكنهم من التحفظ على إطلاق الأدلة، اعتبروا قيد القدرة (3)، وإلا فلهم هذا المقدار من الاطلاع قطعا. على أن الأدلة حسب الظاهر لها الإطلاق.
فالمهم إثبات إمكان التحفظ على هذا الظاهر، وقد تكلف لذلك المقدمة السابقة، ولا تكون لهذه المقدمة مدخلية في المسألة. ومما يشهد على هذه الدقيقة، ابتلاؤه - مد ظله - في ذيل هذه المقدمة بالتمسك بما مر في الخامسة.