فإذا قامت الحجة على وجوب الإزالة، والحجة الأخرى على وجوب الصلاة، ففيما إذا تمكن العبد من الجمع بينهما كما لا يكون من التكليف بالجمع، كذلك فيما إذا لا يتمكن منه لا يكون من الأمر بالجمع بين الضدين، بل كل واحد من الدليلين على موضوعه باعث نحوه، ويدعو إلى متعلقه.
والذي صدر من الآمر، هو ضرب القانون بالنسبة إلى كل واحد على حدة، وليس لمجموع الموضوعين المتعلقين وجود على حدة بالضرورة، كما لا يصدر منه القانون الوحداني بالجمع بينهما، حتى يقال: هو غير مقدور.
وقد تقدم: أن الأمر لا يتعلق إلا بنفس الطبائع المطلقة، من غير النظر إلى الخصوصيات، والحالات الطارئة، وجهات التزاحم، وعلاجه.
ومعنى إطلاقها: أن المتعلق تمام الموضوع بلا دخالة قيد، لا أن معناه أن المتعلق مطلوب، سواء اجتمع مع هذا أم لا، إذ كل ذلك خارج عن محط الإطلاق.
ولا تنس أيضا: أن توارد الأمرين على موضوعين متضادين، مع أن الوقت الواحد لا يسع إلا لواحد منهما، إنما يقبح لو كان الخطابان شخصيين. وأما الخطاب القانوني الذي تختلف فيه حالات المكلفين، فرب مكلف لا يصادف أول الزوال إلا موضوعا واحدا، وهو الصلاة، وربما يصادف الموضوعين، فيصح توارد الأمرين بالنسبة إلى الكل، ومنهم الشخص الواقف أمام المتزاحمين، ولا يستهجن ذلك " (1).
أقول أولا: لا مدخلية لهذه المقدمة فيما هو مقصوده - مد ظله -، ضرورة أن موضوع البحث: هو أن يكون المكلف مبتليا بالتكليفين، اللذين كل واحد منهما - مع قطع النظر عن الآخر - يدعوه إلى نحوه وجانبه، وهو غير متمكن من جوابهما، ولو كان يرجع الخطابان إلى الخطاب الواحد الداعي إلى الضدين، لما كان وجه لغور