تذنيب: في أن العجز الحاصل بالعصيان يوجب سقوط أمر الأهم ربما يقال: إن الامتثال سبب سقوط الأمر، والعجز عن الامتثال أيضا سبب، والعصيان بما هو العصيان لا امتثال، ولا عجز:
أما الأول: فهو واضح.
وأما الثاني: فلأن الأمر لا بد وأن يكون موجودا حال الامتثال والعصيان، حتى يتحقق الامتثال والعصيان، فلا يكون حال العصيان أمر الأهم ساقطا (1).
وفيه: أن العصيان سبب انتفاء الأمر، بمعنى أنه دليل على انتهاء أمد الإرادة، وهو حقيقة العجز عن الامتثال، إلا أن هنا عجزين:
الأول: ما يكون عجزا، ويعد عذرا عند العقلاء.
الثاني: ما لا يعد عذرا، ويكون عصيانا.
وقد عرفت: أنه لا شئ ثالث وراء الامتثال والعصيان، يعد حال العصيان، ضرورة أن قولنا: " حال العصيان " كقولنا: " حال الإيمان، وحال الكفر، وحال الشجاعة، والسخاوة " فإن في جميع تلك الأحوال يكون المضاف إليه متحققا، ويكون أمرا مستمرا منطبقا على الزمان، وليس العصيان من هذا القبيل، بل العصيان هو التخلف عن الأمر والامتثال، على وجه لا يقدر العبد على تطبيق المأمور به على الخارج، وهو من الأمور الآنية والدفعية، سواء في ذلك عصيان الأوامر الموقتة، أو الأوامر الفورية.
ومن العجيب، توهم القائل بالترتب: أن العصيان إما آني، أو استمراري!! مع أن العصيان الاستمراري يرجع إلى عصيانات، لوجود الأوامر الكثيرة، كما في أداء