التنبيه الرابع: في مرجحات باب التزاحم بعد الفراغ من صغرى باب التزاحم، ومن كبرى كيفية علاجه، تصل النوبة إلى أن المتزاحمين تارة: يكونان متساويين، وأخرى: مختلفين، لكون أحدهما أهم، ولم نحقق بعد طريق تشخيص الأهم من المهم، وما هو سبب كون أحدهما ذا المزية دون الآخر، فهل هناك قاعدة كلية شرعية أو عقلية، أو لا بل لا بد من المراجعة إلى المرجحات الجزئية والقرائن الخاصة؟
لا شبهة في أنه لا مرجح كلي في المقام من العقل، ولا من الشرع، بل تشخيص أهمية أحدهما من الآخر له طريق واحد صحيح، وهو الرجوع إلى الأدلة الشرعية وكيفية إفادة الشرع، فإن من الفحص عنها يطلع الخبير البصير على ذي المزية من بينها.
وقد ذكر الأصحاب - رضي الله عنهم - عدة أمور لترجيح أحد المتزاحمين على الآخر، وتعيين أحدهما بالنسبة إلى شقيقه (1).
أولها: ترجيح ما لا بدل له على ماله البدل أن كل واجب إذا زاحمه الواجب الآخر، وكان للآخر بدل، يقدم ما لا بدل له على ماله البدل. وقد مثلوا بالأمثلة الكثيرة التي لا تخلو من المناقشة أو المناقشات (2)، ولا يهمنا التعرض لها بتفصيل.