الشرط المتأخر ينحل!! فلاحظ وتأمل.
التحقيق في الجواب عن شبهة الشرط المتأخر إذا أحطت خبرا وعلمت: أن هذه الوجوه كلها، لا تغني ولا تسمن من جوع، لا تشفي العليل، ولا تروي الغليل، فاعلم: أن الأمور الإضافية والمتدرجات الزمانية والحوادث الكونية المتصرمة بذواتها - قضها وقضيضها - لها وجهتان، وإليها ينظر من مقامين، وبذلك يختلف أحكامها وآثارها العقلية والاعتبارية:
فإن لاحظناها من أفق الزمان، وكان اللاحظ زمانيا، من الحوادث المتقضية بذاتها الداخلة في أحكام المادة والمدة، فلا يجد العالم إلا حقيقة متصرمة زائلة وداثرة، تمام هويتها بين حالتي الوجود والعدم، وكل جزء منه محفوف بالعدمين، لا بقاء للمتقدم عند المتأخر، ولا للمتأخر عند المتقدم، وهذه هي الحركة القطعية التي هي أس الحركة.
ولتلك الأجزاء والحوادث الزمانية صورة جمعية في النفوس البشرية، وبلحاظ تلك الصورة، يتوهم انقسام الزمان والحركة إلى الأجزاء، ويتخيل تقسيم المتدرج الذاتي إلى شيئين، كالأمس والغد، وإلى الشهر والأسبوع، والمتقدم والمتأخر وهكذا، من غير كون موضوع محمول المتقدم محفوظا عند موضوع مفهوم المتأخر حسب العين ولكنهما كالإمكان والوجوب لا خارجية لهما، بل الخارج ظرف الاتصاف.
وإن لاحظنا أن من يلاحظ الأزمنة فارغ عنها، ومن يكون ناظرا إلى المتدرجات خارج عن أفقها وحيطتها، وأنه على سطح آخر أعلى وأرفع، وفي وعاء أوسع وأبسط، بحيث تكون تلك المتدرجات الزمانية مجتمعات عنده، وهذه المتفرقات الكونية مطويات بيمينه، فلا يمكن الحكم بالتقدم والتأخر، بل الكل عنده