المسلك الثاني: ما نسب إلى المشهور وهو وجوب ذات المقدمة المطلقة، واختاره " الكفاية " وبعض آخر (1)، وذلك لأجل أن مناط الوجوب هو التوقف، وهذا سبب لعروض الوجوب على المقدمة، ويكون واسطة في الثبوت، كوساطة الغايات لإيجاب الواجبات النفسية.
أقول أولا: إن الواجب لو كان مطلق المقدمة بملاك التوقف، فلا يكون ذاتها، لأن الإرادة التشريعية الشأنية، ليست في الأدلة الشرعية إلا ما شذ، فلا معنى للمقايسة بينها وبين الإرادة المتعلقة بذي المقدمة بملاك المصالح والغايات المترتبة عليه. فإذا كان دليل هذا الوجوب هو العقل ودركه، فلا بد وأن يلاحظه، ولا ريب أن العقل لا يدرك إلا وجوب عنوان " الموقوف عليه " لا ذاته، وهو الوضوء، والغسل، والستر مثلا.
مع أن المكلف والمكلف ربما يختلفان فيما هو الموقوف عليه، فيكون شئ عند المولى موقوفا، ولا يكون موقوفا عليه عند المكلف وبالعكس، وعند ذلك لا يطلع العبد على ما يراه المولى موقوفا عليه، فلا بد وأن يكون الواجب أمرا معلوما عند الكل، وهو " الموقوف عليه " وأما مصداقه فهو تابع لدرك المكلفين في المقدمات العقلية والعرفية والعادية.
نعم، يمكن الالتزام بذلك في خصوص المقدمات الشرعية، ولكنه لا معنى للتفكيك بينها، فيقال: بأن معروض الوجوب في تلك المقدمات عنوان " الموقوف عليه " وفي هذه المقدمات ذواتها، بل العقل يدرك الكل على نسق واحد.
ولعمري، إن القائل بالمقدمة المطلقة لو كان يريد ذلك، لكان كلامه أقرب إلى