وثانيا: أن لنا أن نقول: بأن العقل يدرك خروج العاجز عن المخاطبات فقط، وأما درك أن الموضوع هو " القادر " كما هو يظهر منهم، فهو غير تام. وقد مر تفصيلا ما يتوجه إليهم في المقدمة الخامسة، بناء على مسلكهم الفاسد من جعل الموضوع " القادر " ولا نعيده.
وإذا كان العاجز خارجا لأجل امتناع المخاطبة، فلا بد من التحفظ والاحتياط عند الشك في القدرة، لأن موضوع الدليل هو * (الناس) * مثلا، والناس ثلاثة أصناف:
الأول: الذين هم عاجزون، وهم خارجون عنه.
الثاني: الذين هم قادرون، وهم مندرجون.
والثالث: الذين هم شاكون، وهم أيضا بما أنهم من الناس، مندرجون في الخطاب، لإمكان خطاب الشاك في القدرة، فلا بد من الاحتياط.
نعم، ربما يكون المخاطب غافلا أو شاكا، فلا شبهة في المسألة، لإمكان ترشح الإرادة التشريعية منه بالضرورة، وأما إذا كان عالما بالوقائع فهو في إمكان خطابه ولا إمكانه، تابع لعلمه، فربما يتمكن من مخاطبة الشاك، لما يعلم أنه القادر، فلا تخلط.
وبعبارة أخرى: ما هو الخارج بالدليل اللبي هو العاجز، والمخصص اللبي لا يورث تعنون العام بعنوان المخصص، حتى لا يمكن التمسك به في الشبهة المصداقية، بخلاف المخصص اللفظي، فإنه - حسب التحقيق - يورث التعنون، فلا يصير الدليل بعد خروج العاجز، الناس غير العاجزين.
فبالجملة: تبين إمكان إيجاب الاحتياط مع اخراج العاجزين عن مورد الخطاب، وتبين فساد ما أورده ثانيا: من جواز انقلاب الموضوع اختيارا.
نعم، هو متوجه إلى ظاهرهم، وإلا فيمكن الدفاع عنه في الجملة.