والذي هو المهم عندنا بالبحث قبل ورودنا في أساس المسألة، هو الإيماء إلى بعض الأمور، حتى لا يلزم الخلط، ويتضح مصب النزاع والتشاح، ويتحد موقف النفي والإثبات:
الأمر الأول: في المراد من المنجز والمعلق اعلم: أن الوجوب المطلق كما عرفت، لا يكون ثابتا على الإطلاق في الشريعة، فالنظر فيه إلى ما هو المطلق من حيث الإضافة إلى قيد، فإذا لاحظنا قيدا فتارة: يكون هذا القيد قيد الهيئة، وأخرى: يكون قيد المادة، وثالثة: لا يكون قيد الهيئة ولا المادة، بحسب مقام الجعل والإيجاب، بل يكون القيد ظرف المتعلق، ومن متعلقات الفعل (1).
مثلا: الاستطاعة تارة: تكون قيد الهيئة، فالواجب بالنسبة إليها مشروط.
وأخرى: تكون قيد المادة، فالواجب بالنسبة إليها مطلق، ويكون المتعلق مقيدا، ويجب تحصيل القيد.
ففي الأول يكون الوجوب مشروطا واستقباليا، والواجب أيضا استقباليا، وفي الثاني يكون الوجوب والواجب حاليا.
وثالثة: تكون الاستطاعة ظرف القضية ومفادها، أي لا قيد الهيئة، ولا قيد المادة، فالهيئة مطلقة بالنسبة إليها وإن كانت من نظر آخر مشروطة، والمادة غير مقيدة ومطلقة أيضا بلحاظها وإن كانت مقيدة بقيود اخر، فهي تكون خارجة عنهما، أي تصير القضية حينية، لا مشروطة، ولا مقيدة، بل مطلقة حينية، أي يجب الحج