به، وتكون الإرادة كثيرة، وإلا فمع وحدة الإرادة التشريعية وحدة مساوقة للوجود، لا يعقل كثرة المراد كثرة واقعية، ضرورة أنها من صفات ذات الإضافة، فكما لا يعقل تعدد المريد مع وحدة الإرادة، كذلك لا يعقل تعدد المراد مع وحدة الإرادة، ولا سيما وأن تشخص الإرادة بالمراد، فإذن تلزم الكثرة الواقعية في الإرادة التشريعية.
وأيضا: ليس المراد من " الإرادة التشريعية " إلا الإرادة التكوينية المتعلقة بالبعث والتقنين، وليس هذه الإرادة التشريعية من الاعتباريات. كما أن مقتضى ما تحرر مرارا في محله: أن المراد بتلك الإرادة ليس فعل المكلف، بل المراد بها هو جعل القانون، وبعث الناس نحو المادة (1)، ولذلك لا يتخلف منها أيضا هذا المراد، بخلاف ما إذا كان المراد بها فعلهم، فإنه يتخلف.
وتوهم اندفاع ذلك: بأن المراد هو صدور الفعل عن اختيار (2)، فاسد، لأن مقتضى ذلك وجوب صدوره عن اختيار، وإلا لو تخلف فيلزم التخلف عن تلك الإرادة. فلا تغتر بما في صحف الآخرين.
إذا عرفت ذلك كله، انتبهت إلى ما أردنا توجيهه إليهم: من لزوم الكثرة الواقعية في إرادته تعالى، وهو في حقه ممتنع. وفي المسألة بحث طويل محرر منا في قواعدنا الحكمية (3)، وأشرنا إليه في تنبيهات مباحث الطلب والإرادة (4).
هذا مع أن الوجدان أحسن شاهد على أن في مورد توجيه الخطاب إلى الكثير، لا تكون في النفس إرادات كثيرة، بل هناك إرادة واحدة بالضرورة.