وبالجملة: الغرض هو التنبيه على عدم انحصار صغريات كبرى التزاحم بالواجبات، وعليك أن توجد مثالا آخر خاليا عن هذه الشبهة.
ذنابة: في اجتماع التزاحم والتعارض ربما تقع المزاحمة بين الدليلين، مع أنهما بحسب الدلالة متعارضان.
مثلا: إذا نذر أن يدخل مسجد الكوفة، ثم بعد ذلك نهاه عنه والده، فبناء على ما هو المعروف في باب النذر وإطاعة الوالد (1)، أن مقتضى الأدلة هو محرمية الدخول، ووجوبه، فيكون أحد الدليلين متعارضا مع الآخر في الانشاء والجعل، ويقع التكاذب بينهما، ضرورة أن الأمر بدخول مسجد الكوفة معارض للنهي عنه، ويكون من قبيل " أكرم العلماء " و " لا تكرم العلماء " ولكنهم مع ذلك لا يعالجون ذلك بعلاجات باب التعارض (2).
فإن قلنا: بتقييد صحة النذر هنا، وأنها مقيدة بما إذا لم يكن فيه معصية الله، فلا يصح النذر اللاحق. وهكذا إذا قلنا: بأن " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (3) فإن مقتضاه عدم انعقاد الأمر اللاحق.
وإن قلنا: بأن الأمر ليس كما اشتهر، فلا بد من علاج باب التزاحم إذا وقعت صيغة النذر وأمر الوالد في زمان واحد، أو وقع أمر الوالد ونهي الوالدة في زمن واحد، فإن العبد يقع في المحذور العقلي، فلا بد من علاج باب التزاحم.
وأما الإشكال في هذه الأمثلة: بأن كل ذلك من قبيل المتزاحمين