نعم، ما سلكناه في هذا المضمار سليم عن هذه العويصة، وذلك لما عرفت في علاج باب التزاحم (1): من أن أمر المهم لا يسقط بمجرد المزاحمة مع الأهم، بل سقوط الأمر وعدم سقوطه، تابعان لبناء المكلف على الإتيان وعدمه، وحيث أن حال المكلف لا يخلو عن إحدى حالات ثلاث: إما يكون تارك الكل، أو يكون تارك الأهم، أو يكون تارك المهم بحسب الواقع، والمولى الملتفت إلى أطراف المصالح والمفاسد، والمتوجه إلى أن المهم في صحته موقوف على الأمر، وأنه بان على ترك الأهم، لا بد وأن يوجه إليه خطاب المهم، ويسقط الأهم، فتصح صلاته، لأنها مورد الأمر.
تذنيب: إذا كان مورد الأمر الأهم عباديا، موقوفة على الأمر صحته، وكان بحسب الواقع بناء المكلف على امتثال الأهم، فيبقى أمر الأهم، وتصح صلاته، وعندئذ لا يمكن كشف المقتضي للمهم.
إيقاظ: في كيفية تصوير الأمر بالمهم إنك قد عرفت فيما سبق (2): أن البعث والأمر ليس إلا للتحريك، وأما ما هو المحرك الواقعي، هو حدود إدراك المكلف من المولى والأمر، وحدود التزاماته بتبعات التكاليف، فإذا صدر من المولى أمر بالنسبة إلى فعل الإزالة، واطلع العبد على أن للمولى غرضا هاما، واستكشف بالأمر ذلك المطلوب الجدي الإلزامي، فلا معنى لبقاء الأمر، ولا حاجة إليه وإلى فعليته وغيرها، ولا يتوقف استحقاق العقوبة على بقائه بحسب اللب والثبوت.