وما اشتهر: من استكشاف الحكم التخييري في الصورة الأولى (1)، فهو غير صحيح، لامتناع الكشف، كما يأتي إن شاء الله تعالى (2).
المقدمة الرابعة:
صحة العقوبة لا تتقوم بالأمر والنهي، بل لو اطلع العبد على المطلوب الإلزامي للمولى، فأهمل وماطل حتى أخل به، فإنه يستحق العقوبة والمؤاخذة، كما إذا اطلع على غريق، والمولى نائم غير ملتفت، فإن الإهمال باعتذار: أنه لم يأمر بذلك، لا يورث المعذورية عند العقل قطعا.
وهكذا إذا كان العبد لا يعتني بأمره ونهيه، ولا يبالي بما يقول المولى، كالعصاة والكفار، فإنهم في جنب الأوامر والنواهي كالحجر في جنب الانسان، لا يتأثرون بها، ولا ينبعثون عنها.
وبعبارة أخرى: من شرائط تحقق الأمر الجدي، احتمال الانبعاث، وإمكان الارتداع، وهو منتف فرضا، فإن المولى إذا كان في هذا الموقف يرى لغوية أمره ونهيه، فلا يترشح منه إرادة البعث والزجر، ولكن لا يتمكن العبد من الاعتذار: بأنه لو كان يأمر لأطاعه، لأنه كان بحسب الواقع لا يطيع، فعند ذلك يستحق العقوبة، لتمامية المقتضي والمحبوبية، فإن قصور العبد مستلزم لعدم إمكان ترشح الإرادة التشريعية.