ثم إن من عجيب ما يلزم عليه أنه قال: " إذا نذر الزيارة في عرفة تكون القدرة شرعية " (1) ومعنى هذا هو عدم تقدمها على الحج، فقبل النذر تكون القدرة عقلية فتقدم على الحج، وبعد النذر لا تقدم على الحج.
والذي هو الحق في مسألة النذر: أن النذور غير المقيدة بالقدرة الشرعية - كالزيارة المزبورة - لا تنقلب بالنذر إلى أمر آخر، وأما الأمر التوصلي الإلزامي الجائي من قبل النذر، فهو مرهون بوجود القدرة على الامتثال، وقد مر أن اعتبار القدرة في تحقق النذر وانعقاده، غير مبرهن (2)، فعليه لو نذر غافلا عن حاله، ثم توجه إلى عجزه، لا يلزم الإخلال بالنذر إذا كان مطلقا، فإذا اتفق قدرته فعليه الامتثال، كسائر التكاليف، فلاحظ وتدبر جيدا.
تذنيب آخر: في تقدم بعض المرجحات على البعض إذا تزاحم الواجبان، وكان أحدهما مترجحا بأحد المرجحات، والآخر بالأخرى، فهل يكون بين المزايا امتياز، أم لا فتصير النتيجة التخيير؟
وقبل الخوض في مثال ذلك لا بأس بالإشارة إلى نكتة: وهي أن أحد المتزاحمين إذا كان مقيدا بالقدرة الشرعية، والآخر بالقدرة العقلية، فإن قلنا: بأن الوجب الذي له البدل متقيد بالقدرة الشرعية (3)، فلا يوجد مثال في مفروض البحث للكبرى المزبورة.
وإن قلنا: بعدم التقيد المزبور، كما أشرنا إليه في مطاوي بحوثنا (4)، فيمكن