والبحث حول هذه المسألة يستدعي تقديم أمور:
الأمر الأول: في تحرير محل النزاع ومقام التشاح أي ما يمكن أن يقع مورد البحث عند الأعلام - رضي الله عنهم - من بدو حدوثها. وكان ذلك بين العامة والخاصة، معنونا في كتبهم الأصولية، ولا يحضرني الآن تأريخ البحث، مع قلة جدواه.
وعلى كل تقدير: لا شبهة في أنه إذا كان شئ واجبا، وكان في وجوده الخارجي، محتاجا إلى المبادئ الخاصة والمقدمات المعينة، من الشرائط، والعلل، ورفع الموانع وهكذا، وكان هذا واضحا عند العقل، فالعقل يدرك لا بدية ذلك، قضاء لحق امتناع المعلول بدون علته، فبعد إدراك العلية، وتشخيص العلة، يدرك لزوم ذاك عند إرادة إيجاد الواجب وذي المقدمة. وهذا لا يعقل أن يقع مورد النفي، حتى يبحث عنه عاقل.
وأيضا: ليس البحث حول أن الإرادة المتعلقة بالواجب والوجوب الثابت لذي المقدمة، يترشح بنفسه إلى المقدمات الدخيلة في تحققه، لأن معنى ذلك كون المقدمات داخلة في أجزاء الواجب، وهو خلف.
ولا يقول أحد: بأن هذا الترشح قهري، لعدم إمكان تعلق الشئ - بعد الإضافة إلى شئ آخر - بشئ ثان، لأنه قد تشخص بذلك المضاف، فالإرادة المتعلقة بالبعث إلى الصلاة، لا تتجاوز عنها إلى مقدماتها الخارجة عن ماهيتها قهرا.