قائم بالمخاطب، وبما نصوره بصورة المخاطب، بل مقصودنا من " انحلال الخطاب " هو انحلال الحكم العام الاستغراقي حسب الأفراد، وأن كل فرد مخصوص بحكم يخص به، ويستتبع إطاعته وعصيانه وثوابه وعقابه.
فيتوجه السؤال هنا إلى كيفية إمكان الانحلال الحكمي الراجع إلى التكاليف الكثيرة، وكل تكليف متوجه إلى شخص وباعث إياه نحو المادة، ولو كان هذا الشخص عاجزا غافلا جاهلا، فكيف يتوجه إليه هذا التكليف، فهل يكون بعد هذا إلا القول: بأن هؤلاء الأفراد بعناوين خارجة، وليسوا مورد التكليف الفعلي؟! ولا بد من علاج بعض الشبهات السابقة من طريق آخر غير هذا المسلك.
أقول: قبل الخوض في حل هذه المعضلة - التي لا يوجد في كلمات الوالد المؤسس - مد ظله - إشارة إليها - لا بد من إفادة مطلب لازم في فهم الخطاب القانوني، وكيفية افتراقه عن الخطاب الشخصي:
وهو أن في الخطاب الشخصي، لا بد من كون الفرد مستجمعا لشرائط صدور الخطاب، من العلم، والقدرة، واحتمال الانبعاث، وإلا فلا يمكن توجيهه إليه بالضرورة إلا خطابا صوريا.
وتوهم إمكان إتمام الحجة، وتعارف ذلك بين الموالي والعبيد (1) * (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة) * (2) في غير محله، لأن تحقق الإرادة التشريعية بقصد البعث وفي موقف احتمال الانبعاث غير ممكن، ومسألة إتمام الحجة صحيح، لا لأجل وجود تلك الإرادة في النفس فعلا، بل لأجل اطلاع العبيد على مرام المولى اللازم استيفاؤه، ولذلك تتم الحجة ولو كانت بجملة إخبارية، فيخبر عن مرامه اللازم اتباعه. هذا في الخطاب الشخصي.