ولو أراد، ولم يتحقق الفعل، لعصيان الأعصاب والأوتار تبعية فرمان القلب والنفس، كما قد يتفق، فلا يتحقق التخلف عن النهي الغيري أيضا، لأن المحرم بالحرمة الغيرية هي الموصلة بالفعل، لا الموصل الشأني، كما تحرر في مقدمة الواجب (1).
فبالجملة: ما ترى في كلمات القوم من الصدر والذيل، فهو ساقط. وقد خلطوا فيما هو أساس البحث في المسألة: وهو أن في مقام التشريع والجعل، لا فرق بين الواجب والحرام في مقدمتهما، وما هو معروض الوجوب والحرمة، وأن في المحرم ينهى المولى - على الملازمة - عن إيجاد عنوان " الموصل " وفي الواجب يأمر بإيجاده.
وأما في مقام الإطاعة والامتثال، فبينهما فرق واضح، فربما من ناحية المحرم، يتحقق امتثال النهي الغيري بترك المقدمة الأولى، أو الثانية، أو الثالثة في المقدمات الطولية، التي يعجز العبد بترك كل واحدة منها عن المحرم النفسي، ويتمكن من المحرم بفعل كل واحد منها، كما في المثال المزبور في السابق.
فالبحث عن أن الإرادة متعلق للتكليف، أو ليست متعلقا، أو البحث عن أن مطلق المقدمة واجب تركها، أو واحد منها، أو غير ذلك، كله ناشئ من عدم الوصول إلى مغزى البحث، فليتدبر.
وهكذا البحث عن أن الموصوف بالحرمة، هي المقدمات، أو الأخيرة، فإن ذلك تابع لما تعلق به النهي، كما لا يخفى.
ذنابة: في ثبوت الحرمة الغيرية في بعض النواهي الشرعية لا بأس بالالتزام بالحرمة الغيرية في النواهي الشرعية الواردة في المركبات