تلك البرهة، وسكوت المولى عن الإرشاد إلى ذلك، لأجل حكم العقل بأن مع سقوط الهيئة، لا يمكن كشف مطلوبية المادة، فإطلاق محبوبية المادة ممنوع إثباتا، وإن يحتمل ثبوتا.
المسلك الثاني ما لبعض آخر بتقريب منا وهو أن الأمر لا يتعلق إلا بالطبيعة، كما تقرر سابقا وتحرر (1)، فإذا أمر المولى بإزالة النجاسة من المسجد، فما هو المأمور به طبيعة كلية، وليست الخصوصيات الخارجة عن الملاكات، داخلة في حدود المأمور به، ولا ينبسط عليها الأمر.
وهكذا إذا أمر بالصلاة من أول الظهر إلى الغروب، فالمأمور بها صلاة مقيدة بالوقت المحدود بالحدين، كلية قابلة للانطباق على الأفراد الطولية، ولا يكون التخيير شرعيا بالضرورة.
فإذا توجه التكليف بالإزالة في الوقت المحدود للصلاة، وكان أهم، فإنه لا يستلزم سقوط الأمر بالنسبة إلى الصلاة حال التزاحم، لأن ما هو مورد الأمر لا يزاحم الإزالة، وما يزاحم الإزالة ليس مورد الأمر.
نعم، إذا ضاق وقت الصلاة، فضيق الوقت وإن كان لا يورث انقلابا في الأمر، ولا في متعلقه، ولا يصير الواجب الموسع مضيقا، ولكن لا يعقل للمولى الملتفت إرادة الصلاة، للزوم الجمع بين الضدين، وهو ممتنع، فتأمل.