الشبهة العقلية الموجبة لانحلال الخطاب وجوابها بقي الكلام حول الشبهة العقلية التي ابتلي بها القوم، وربما لأجلها ذهبوا إلى انحلال الخطاب إلى الخطابات:
وهي أن كل واحد من أفراد المخاطبين، لا بد أن يكون مورد التكليف ومورد الحكم، من غير ارتباط حكمه بحكم الفرد الآخر، لأن العموم أصولي استغراقي، فيكون الحكم الكلي منحلا إلى الأحكام الكثيرة، ولذلك تجري البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية، ويتعدد العقاب والثواب بتعدد المكلفين، فيتعدد الحكم، فيكون كل فرد مورد الحكم المخصوص به.
والحكم سواء كان نفس الإرادة، أو كان الإرادة المظهرة، أو كان المعنى المنشأ بتلك الإرادة، أو كان معنى انتزاعيا من ذلك المعنى المنشأ، أو كان غير ذلك، يكون مخصوصا بكل فرد، ومتعددا حسب الأفراد، فيكون من قبل المولى بالنسبة إلى كل فرد، إرادة صدور الفعل منه، أو إرادة بعثه نحو المادة، على اختلاف المذهبين في متعلق الإرادة التشريعية.
وعلى كل حال: كيف يعقل توجيه تلك الإرادة إلى الفرد الذي هو جاهل، والمولى ملتفت إلى جهله، وإلى الفرد الذي هو عاجز وغافل، والمولى ملتفت إلى حاله؟!
فإن كان الخطاب القانوني، معناه عدم الانحلال بحسب الأفراد، فيكون الأفراد بلا تكليف، فهو خلف.
وإن أريد منه: أنهم مع كونه قانونيا مورد التكليف والحكم، فهو مناقضة ومستحيل.
وبعبارة أخرى: لسنا قائلين بانحلال الخطاب الذي هو معنى جزئي حرفي