المسلك الثالث: ما سلكه العلمان صاحبا " الدرر " و " المقالات " (رحمهما الله) مع اختلافهما في التقريب. فقال في " الدرر ": " ويمكن أن يقال: إن الطلب متعلق بالمقدمات في لحاظ الإيصال، لا مقيدا به حتى يلزم المحذورات السابقة.
والمراد: أن الآمر بعد تصور المقدمات بأجمعها، يريدها بذواتها، لأن تلك الذوات بهذه الملاحظة، لا تنفك عن المطلوب الأصلي، ولو لاحظ مقدمة منفكة عما عداها، لا يريدها جزما، فإن ذاتها وإن كانت مورد الإرادة، لكن لما كانت المطلوبية في ظرف ملاحظة باقي المقدمات معها، لم تكن كل واحدة مرادة بنحو الإطلاق، بحيث تسري الإرادة إلى حال انفكاكها عن باقي المقدمات.
وهذا الذي ذكرناه مساوق للوجدان، ولا يرد عليه ما ورد على القول باعتبار الإيصال قيدا، وإن اتحد معه في الأثر " (1) انتهى.
وأنت خبير بما فيه من المناقضة أولا: فإنه كيف يمكن الجمع بين قوله: " فإن ذاتها وإن كانت مورد الإرادة " وبين قوله: " ولكن... "؟! فإن مقتضى الأول، أن الواجب هو مطلق المقدمة، ومقتضى الاستدراك أنها ليست مورد الإرادة على الإطلاق، فإذا لم تكن مورد الإرادة على الإطلاق، فلا بد من وجود ما يورث الضيق والتضييق، حتى لا تتعلق الإرادة إلا بالمضيق، فإن كان الضيق المتصور جائيا من قبل لحاظ الآمر، كما هو المفروض، وكان لحاظ انضمام سائر المقدمات، فلا يكون مورد الإرادة إلا ما هو الموصل بالحمل الشائع، وإن لم يكن عنوان " الموصل ".
وكأنه (قدس سره) كان يرى جميع إشكالات المقدمة الموصلة تحت أمر واحد: وهو كون معروض الوجوب عنوان " الموصل والإيصال " لا خارجه ومعروضه، وعلى هذا يكون مورد الإرادة هي المقدمات بذواتها، المنتظمة في لحاظه، المنتهية إلى ذي