كان هذا العبد العاصي متساوي النسبة بالنسبة إليها، فهو من الغلط، ولا يقول به مثل المفيد، فنفي الاستحقاق ليس معناه استواء النسبة، فافهم وتدبر جيدا.
إرشاد وإفاضة: في إثبات العقاب بمعنى اللوازم القهرية للأفعال السيئة اعلم: أن العقاب بمعنى اللوازم القهرية والآثار والخواص للأفعال والتروك المنهية، على الوجه الماضي تفصيله (1)، مما ثبت بالكتاب والسنة في الجملة، وبمعنى الموجود الخارجي في البرزخ والقيامة، فيكون " القبر حفرة من حفر النيران " (2) مما يساعده الكتاب والسنة، وفيه خلاف بين أهالي المعقول البرهانيين، ولكنه عندنا مما لا برهان على امتناعه، بعد اعتضاده بالظواهر النقلية، بل يشهد عليه الشواهد والمكاشفات القطعية، بل هو قضية بعض البراهين المحررة في محلها.
وملخص البحث في هذه المرحلة: أن الانسان - بما أنه في هذه النشأة، مشفوع بالأخلاق الرذيلة، والملازمات الكدرة، والسجايا الخبيثة، والرذائل اللعينة - يحتاج إلى التصفية في هذه النشأة من جميع هذه الأمور، لاقترانها بالمادة والمدة، فإن حصل له الصفاء الباطني من تبعية الأنبياء في الدستورات والفرامين، وصار لائقا بالفوز بالجنة، ودخول المحافل الإلهية، والحشر مع الوجودات الطيبة فهو.
وإلا فلا بد من تهذيبه عنها في الأعقاب والعقبات المتأخرة، بتوسط الملائكة الإلهية بما يتوجه إليه من أول الأمر - وهو حال النزع - إلى آخر منازل البرزخ وأحكامها، فإن حصلت له تلك البهجة، وذلك التجلي والجلوة الطاهرة، فيدخل في زمرة الأولياء والأصفياء، ويليق أن يتشرف بالمحضر الربوبي في جنة النعيم.