بقي شئ: في بيان كيفية إرادته تعالى حال التزاحم إن في الخطابات العرفية، لا تعرض لحال الاصطكاك والتزاحم، ولا مانع من عدم اطلاعهم على حدود القانون حسب المصلحة ومصلحة الإجراء، لتوصلهم بالمخصصات والمواد المنفصلة في الأزمنة اللاحقة، عند الاطلاع على بعض الخصوصيات. وهذا في الحقيقة هو الإهمال الثبوتي، لإمكانه في حقهم.
وأما في الخطابات الشرعية، فلا يعقل الإهمال الثبوتي، وعدم علم المقنن بحال الاصطكاك والتزاحم، بل هو عالم بجميع الخصوصيات، فإذا كان ملتفتا إلى ابتلاء المكلف بالتكاليف الكثيرة غير القابلة للجمع، فإما تبقى الإرادة فهو محال، وإلا فلا فعلية للتكليف، فلا بد أن يرجع إلى التخيير الشرعي.
أقول: نعم، إلا أن الشارع العالم بالوقائع يضرب القوانين الكلية، ويلاحظ ما هو الدخيل في موضوعها، وأما سائر الجهات المعلومة لديه الأجنبية عنها، وغير الدخيلة في الموضوع والملاك، فهي غير مأخوذة في القانون.
وأما إرادته حال التزاحم، فهي باقية بالنسبة إلى كل واحد منهما، لأنها - على ما عرفت (1) - ليست إرادة شخصية في موقف الاصطكاك والتزاحم، حتى تمتنع، وتكون من قبيل الأمر والإرادة الواحدة المتعلقة بالجمع بين الضدين، بل هي إرادة قانونية على الوجه الماضي سبيلها، الممكن اعتبارها حال العجز، والجهل، والغفلة، وغيرها.
وللشارع عند ضرب القوانين الكلية، الاتكاء على هداية الرسول الباطني في مقام التزاحم، وكيفية الامتثال والإطاعة، من غير تعرض لذلك كما ترى.