وهو أن الغيري لا يعاقب عليه قطعا.
فتحصل: أن العقاب منتف، وإنما البحث في الثواب عليه، وكأنهم فارغون من أصل مولوية الأمر في الوجوب الغيري، فوقع البحث عندهم حول أن هذا الأمر المولوي الغيري، يستتبع استحقاق الثواب، أم لا؟
أقول: هنا بحثان:
الأول: في إنكار الأوامر المولوية حتى على القول بجعالة العقاب أن قضية بعض ما أشير إليه في الجهة الأولى، إنكار الأوامر المولوية حتى على المسلك الأخير في العقاب والثواب، لأن من براهينه أن الله تبارك وتعالى عال ذاتا وفعلا، ولا يعقل أن يتكفل العالي للداني على ما تحرر في محله (1)، ولا يتصنع المستعلي بالذات لما هو دونه، بل كل موجود متوجه إلى العلو، ليرقى إليه، وهو تعالى لا يتصور له الرقاء، فغاية فعله ذاته تعالى وتقدس، فكيف يصدر منه الإرادة التشريعية - التي هي من جملة الإرادة النظامية - لغرض الانبعاث، فيشكل تصديق الأمر المولوي على هذا المسلك أيضا.
ثم إن الأوامر الغيرية، كيف يمكن أن تكون مولوية؟ وما هو المختلف فيه: هو أنه هل يترشح من البعث والإرادة النفسية، إرادة أخرى متوجهة إلى العبد، أم لا؟
وأما أنها إرادة مولوية غيرية فهو غير معلوم، ومجرد تعبير القوم عنه ب " الوجوب الغيري " لا يكفي لإثبات أنها الإرادة المولوية الغيرية.
ولعمري، إني لا أفهم مولوية الإرادة الغيرية، لأن معنى المولوي والوجوب المولوي، هو استتباع العقاب والعقاب عند الترك، وإلا فلا يتصور للمولوية معنى آخر. ومجرد توجيه الأمر مستعليا وعاليا، لا يكفي لمولويته، فإذا سقط عن