والموجودة بوجود المراد الذهني، علة وجود المراد فيما لا يزال وفي الزمان المستقبل، أم لا؟
فبالجملة: من يدعي الوجوب المعلق، لا يريد إثبات تحقق الإرادة بدون المراد في ظرف وجود الإرادة، أي لا يتمكن من أن يدعي تحققها بلا المراد بالذات، بل الإرادة عنده كالعلم لا بد لها من طرف، لكونها من الأفعال ذات الإضافة، أو من الصفات ذات الإضافة.
وعلى كل حال: لا يعقل تصورها بالحمل الشائع إلا مع طرف في ظرف وجودها وحصولها، لأنها متشخصة بالمراد، ويكون المراد في المرتبة السابقة عليها وجودا، أي المراد بالذات، لا المراد بالعرض.
إذا عرفت هذه المسألة، ومحل النزاع، وما هو المقصود من " الوجوب المعلق " تصورا، فالآن حان وقت تحقيق المسألة تصديقا، ولا بأس بذكر بعض المقدمات سابقة على ما هو المطلوب، حتى لا يبقى محل إشكال للآخرين:
الأولى: في إشارة لحقيقة الإرادة قد تقرر في مباحث الطلب والإرادة: أن الإرادة من أفعال النفس، وليست الجزء الأخير من العلة التامة، بل يحصل انفكاك بين المعلول والإرادة في أفعالنا، وهي حركة العضلات والقبض والبسط المتصور لها، فكثيرا ما نريد شيئا - وهي حركة العضلة - ولا تحصل تلك الحركة في الخارج، لعدم تمامية شرط وجودها في العضو، وهو إمكانه الاستعدادي لقبول صورة الحركة لحصول الرخوة في الروح البخاري مثلا (1).