(الثالثة) أن يكونا جاهلين بالعدة أو التحريم ويدخل بها وهذه كذلك تحرم مؤبدا نصا وفتوى.
(الرابعة) الصورة بحالها إلا أنه لم يدخل، وهذه لا تحرم اتفاقا نصا وفتوى.
(الخامسة) علم إحداهما وجهل الآخر والذي صرح به جملة من الأصحاب أنه يلزم كل واحد منهما حكمه، فالعالم يلزمه مقتضى علمه، والجاهل يلزمه مقتضى جهله. ويدل على ذلك ما تقدم في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج من قوله " فقلت: وإن كان أحدهما متعمدا والآخر يجهل، فقال: الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه أبدا "، وقريب منها رواية علي بن بشير النبال.
وأورد في هذا المقام بأنه كيف يعقل التحريم في أحد الجانبين خاصة مع أنه متى حرم على أحدهما الآخر لم يجز للآخر التزويج به، لما في ذلك من المعاونة على الإثم والعدوان.
وفيه أن هذا إنما يتم فيما لو علم الآخر بأن من حرم عليه ذلك قدم على ارتكاب المحرم، وأما لو كان جاهلا بذلك فلا ورود لما أوردوه، مثلا إذا كانت الزوجة عالمة بأنها في العدة وأنها يحرم عليها التزويج في هذه الحال، والذي أراد أن يتزوج بها لا علم له بشئ من ذلك بالكلية فهو جاهل بمعرفة حال المرأة، وما هي عليه من العلم بالأمرين المذكورين فإنه لا يحصل بتزويجه لها معاونة على الإثم والعدوان.
وعلى ما ذكرنا تدل رواية علي بن بشير النبال فإنها دلت على أن المرأة كانت عالمة بأنها في العدة، والزوج غير عالم بذلك ولا عالم بحالها، فإن تزويجه لها صحيح من الجانبين إن جهلت تحريم التزويج في العدة، وأن قذفه لها بالزنا والحال هذه موجب للحد عليه.
وإن علمت التحريم فالنكاح من جهته صحيح لا يلحقه إثم بذلك ولا عقوبة، ومن جهتها باطل فإنها زانية، ويجب عليها حد الزاني، وليس على زوجها