وفي هذين الصحيحتين أيضا رد للقول الثاني بالنسبة إلى المتعة، ويمكن أن يقال في دفع ما ذكر من الاشكال بأن الطعن بضعف هذه الأخبار إنما يتجه عند أصحاب هذا الاصطلاح المحدث، وأنتم لا تعملون عليه، والأخبار كلها صحيحة عندكم والروايتان المذكورتان وإن كانتا صحيحتين إلا أن المفهوم من رواية أبي سعيد المذكورة أن القول بالتحريم بدون إذن الأب مذهب العامة، ولهذا أن الشيخ حمل صحيحة أبي مريم على الكراهة، وجوز الحمل على التقية لما عرفت.
وحينئذ فيمكن أن يقال في الجمع بين هذه الأخبار تحاشيا عن إطراح شئ منها من البين، وإعمالا بقدر المقدور للدليلين كما هو ظاهر طريقة الشيخ (رحمه الله) في الكتابين بإبقاء هذا القول المذكور على ما ذكره قائله، وتخصيص تلك الأخبار المتقدمة بهذه الأخبار الثلاثة المذكورة، وحمل الصحيحتين المذكورتين على التقية، ولعله الأقرب، أو على استحباب استئذان الأب، وكراهة ذلك بدونه دفعا للعيب والعار على أهلها، فمع رضا الأب لا بأس.
ويؤيده هذا التفصيل ما صرح به في صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يتزوج البكر متعة، قال: يكره للعيب على أهلها ".
ويؤيد الحمل على التقية رواية مهلب الدلال (1) " أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام: امرأة كانت معي في الدار ثم إنها زوجتني نفسها سرا، وأشدت الله وملائكته على ذلك، ثم إن أباها زوجها من رجل آخر فما تقول؟ فكتب عليه السلام التزويج الدائم لا يكون إلا بولي وشاهدين، ولا يكون تزويج متعة ببكر، استر على نفسك، واكتم رحمك الله ".
وحاصل جوابه عليه السلام، أنه إن كان تزويجك هذا دواما فإن الدائم لا يكون إلا بولي وشاهدين، وإن كان متعة فإن البكر لا يجوز تزويجها متعة، فالنكاح باطل على التقديرين، وهو ظاهر في أن هذه الفتوى إنما خرجت مخرج التقية