ذلك تأييد كلام ابن حمزة بما تقدم في غير مقام من الأبحاث المتقدمة من أن المدار في صحة العقود على التراضي من الطرفين والاتفاق من الجانبين، فكل ما أشعر بذلك من الألفاظ كان كافيا في البين.
ودعوى أن للعقود اللازمة ألفاظا مخصوصة تدور الصحة معها وجودا وعدما مما لم يقم عليه دليل، وهو جيد كما عرفت فيما تقدم.
إلا أنه قد روى الثقة الجليل عبد الله بن جعفر الحميري (1) في كتاب قرب الأسناد عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة " قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إنك قد ترى من المحرم من العجم لايراد منه ما يرد من العالم الفصيح، وكذلك الأخرس في القراءة للصلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم المحرم لايراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح، ولو ذهب العالم المتكلم الفصيح حتى يدع ما قد علم أنه يلزمه ويعمل به، وينبغي له أن يقوم به حتى يكون ذلك منه بالنبطية والفارسية، فحيل بينه وبين ذلك بالأدب حتى يعود إلى ما قد علمه وعقله، قال: ولو ذهب من لم يكن في مثل حال الأعجمي المحرم ففعل فعال الأعجمي والأخرس علي ما قد وصفنا إذا لم يكن أحد فاعلا لشئ من الخير ولا يعرف الجاهل من العالم ".
أقول: قال في النهاية الأثيرية (2) " فأرسل إلي ناقة محرمة " المحرمة هي التي لم تركب ولم تذلل ".
وفي الصحاح (3): جلد محرم أي لم تتم دباغته، وسوط محرم: لم يلين بعد، وناقة محرمة: أي لم تتم رياضتها بعد، وقال: كل من لا يقدر على الكلام أصلا فهو معجم ومستعجم، والعجم الذي لا يفصح ولا يبين كلامه. إنتهى.