ومن الواضح جدا أنه ليس شئ منها بحرام قطعا، وإنما هي مكروهة فقط، وقد نص بصحة ذلك الاستعمال غير واحد من أهل اللغة (1).
بل الروايات الكثيرة تصرح بجواز بيع جلود السباع (2)، وأخذ الأجرة للحجام (3)، وتعليم القرآن حتى مع الاشتراط (4).
١ - في نهاية ابن الأثير (٢: ٣٤٥): السحت كما يطلق على الحرام يطلق على المكروه، وفي لسان العرب (٢: ٤٢): السحت يرد في الكلام على المكروه مرة وعلى الحرام أخرى، ويستدل عليه بالقرائن.
٢ - منها الروايات المجوزة لبيع جلود النمر والسباع، كما سيأتي التعرض لها في بيع المسوخ.
٣ - منها موثقة زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن كسب الحجام، فقال: مكروه له أن يشارط، ولا بأس عليك أن تشارطه وتماسكه، وإنما يكره له، ولا بأس عليك (الكافي ٥: ١١٦، التهذيب ٦: ٣٥٥، الإستبصار ٣: ٥٩، عنهم الوسائل ١٧: ١٠٦).
لا يخفى أن ظهور الرواية في الكراهة الاصطلاحية مما لا ينكر، وإن كانت هي في الأخبار أعم منها ومن الحرمة.
ومنها رواية حنان بن سدير، وفيها: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد احتجم وأعطي الأجر، ولو كان حراما ما أعطاه (الكافي ٥: ١١٥، التهذيب ٦: ٣٥٤، الإستبصار ٣: ٥٨، عنهم الوسائل ١٧: ١٠٥)، ضعيفة لسهل.
وقريب منها رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) (الكافي ٥: ١١٦، الفقيه ٣: ٩٧، التهذيب ٦: ٣٥٥، الإستبصار ٣: ٥٩، عنهم الوسائل ١٧: ١٠٦)، وهي أيضا ضعيفة لعمرو بن شمر.
ومنها رواية قرب الإسناد: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) احتجم وسط رأسه، حجمه أبو طيبة، وأعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاعا من تمر (قرب الإسناد: ٥٣، عنه الوسائل ١٧: ١٠٦)، ضعيفة لحسين بن علوان.
وفي صحيح البخاري باب خراج الحجام من الإجارات ٢: ١٢٢، وفي سنن البيهقي ٩: ٣٣٨ عن ابن عباس قال: احتجم النبي (صلى الله عليه وآله) وأعطي الحجام أجره ولو علم كراهية لم يعطه.
٤ - منها رواية الفضل بن أبي قرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن هؤلاء يقولون: إن كسب المعلم سحت، فقال: كذبوا أعداء الله، إنما أرادوا أن لا يعلموا القرآن، ولو أن المعلم أعطاه رجل دية ولده كان للمعلم مباحا (الكافي ٥: ١٢١، الفقيه ٣: ٩٩، التهذيب ٦: ٣٦٤، الإستبصار ٣: ٦٥، عنهم الوسائل ١٧: ١٥٤)، ضعيفة للفضل.
ثم إنه أخرج البيهقي في السنن الكبرى ٦: ١٢٤ أحاديث تدل على جواز أخذ المعلم الأجرة للتعليم، وأحاديث أخرى تدل على كراهة أخذها لتعليم القرآن.