وذلك للوثوق بأن مستندهم في تلك الفتيا ليس هو النبوي، بل هو ما سيأتي في البيع من اعتبار المالية في العوضين، لأن مالية الأشياء إنما هي باعتبار المنافع الموجودة فيها الموجبة لرغبة العقلاء وتنافسهم فيها، فما يكون عديما لجميع المنافع أو للمنافع الظاهرة لا تكون له مالية.
وإذن فليس هنا شهرة فتوائية مستندة إلى النبوي لتوجب انجباره، لأنه بناء على انجبار ضعف الخبر بعمل الأصحاب إنما يكون فيما انحصر الدليل لفتياهم بذلك الخبر الضعيف، ولم يكن في البين ما يصلح لاستنادهم إليه.
وأما على الثالث، فالحرمة لا توجب فساد البيع عند المشهور ليحتمل انجبار النبوي بفتياهم.
فتحصل أنه لا يكون شئ من الروايات العامة التي ذكرها المصنف دليلا في المسائل الآتية، بل لا بد في كل مسألة من ملاحظة مداركها، فإن كان فيها ما يدل على المنع أخذ به وإلا فالعمومات الدالة على صحة العقود، كقوله تعالى: أحل الله البيع (1) وأوفوا بالعقود (2) وتجارة عن تراض (3)، محكمة كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في أول الكتاب.
بطلان المعاملة على الأعمال المحرمة تمهيد: لا يخفى عليك أن محل كلامنا في المسائل الآتية إنما هو في الأعيان المحرمة من الخمر والخنزير والميتة ونحوها.
وأما الأعمال المحرمة كالزنا والنميمة والكذب والغيبة فيكفي في