إلا أنها قد زالت بنية الرد إلى المالك في مسألتنا وأمثالها، لأن اليد قد انقلبت من العدوان والخيانة إلى الاحسان والأمانة، فيكون المال أمانة شرعية عند الآخذ، فلا يترتب عليه الضمان عند التلف، لأن قاعدة ضمان اليد مخصصة بما دل على عدم الضمان في الأمانة، و بان الودعي محسن وما على المحسنين من سبيل، وعليه فلا مجال لاستصحاب الضمان لعدم بقاء موضوعه.
والتحقيق هو ما ذكره المصنف (رحمه الله) من الضمان، وليس الوجه فيه هو الاستصحاب، لما بنينا عليه من عدم جريانه في الشبهات الحكمية، بل الوجه في ذلك أن وضع اليد على مال الغير بقصد التملك علة لحدوث الضمان وبقائه، سواء تبدلت بعد ذلك بيد الأمانة أم لا، لأن ضمان اليد لا يرتفع إلا بحصول غايته، وهي الأداء، فما لم تتحقق الغاية لم يسقط الضمان.
وعليه فكون اليد الفعلية الحادثة يد أمانة لا تزاحم اليد السابقة المقتضية للضمان بقاء، فإن يد الأمين لا تقتضي الضمان لا أنها تقتضي عدم الضمان، ومن البديهي أن ما لا اقتضاء له لا يزاحم ما له الاقتضاء، ومجرد نية الرد إلى المالك لا يرفع الضمان الثابت باليد ابتداء، كما أن الأحكام الثابتة على الأشياء بعناوينها الأولية لا تنافي الأحكام الثابتة عليها بعناوينها الثانوية.
ب - رد المأخوذ من الجائر إلى أهله:
الأمر الثاني: في رد ما أخذ من الجائر إلى أهله، وتحقيق الكلام هنا يقع في ناحيتين: الأولى أن يكون المأخوذ من الجائر معلوم المالك، والثانية أن يكون مجهول المالك.