يسقط عند ذلك لارتفاع موضوعه، ففي جميع هذه الصورة يتحقق سقوط الوجوب واستحقاق الأجرة.
وهناك صورة رابعة لا يسقط الوجوب بالاتيان بالعمل المستأجر عليه فيها، وإن كان الآتي بالعمل مستحقا لأخذ الأجرة على عمله، لكونه محترما، وهذا كالعبادات الواجبة على المكلفين عينا، فإنه إذا أتى بها المكلف بإزاء الأجرة وقلنا بمنافاتها لقصد القرية والاخلاص كما عليه المصنف وجمع آخر لم يمتثل الواجب، وإن كان يستحق الأجرة لاحترام عمله، وعليه فإن بقي وقت الواجب وجبت عليه الإعادة وإلا عوقب على تركه، إذا لم يدل دليل على تداركه بالقضاء.
حقيقة النيابة على العبادات:
قد ذكرنا في مبحث التعبدي والتوصلي من علم الأصول أن الأصول اللفظية والعملية تقتضي عدم سقوط التكاليف العبادية عن كل مكلف باتيان غيره بها، فلا بد لكل مكلف أن يمتثل تكاليفه العبادية بالمباشرة، وعليه فنيابة الشخص عن غيره في امتثال عباداته مع التقرب والاخلاص تحتاج إلى الدليل، وإن ثبت امكانها في مقام الثبوت.
ولا شبهة في وقوع النيابة في العبادات الواجبة والمستحبة، بضرورة الفقه نصا وفتوى (1).
ولا بأس بالتعرض للبحث عن تصوير امكانها في ذلك دفعا لما توهمه بعض الأجلة من استحالة التقرب من النائب وحصول القرب للمنوب عنه، نظرا إلى أن التقرب المعنوي كالتقرب الحسي المكاني لا يقبل النيابة.