المال من الجائر مجانا أم مع العوض، وذلك من جهة الاعتماد على قاعدة اليد، فإن من المحتمل أن يكون الحرام منطبقا على ما بيد الجائر دون ما أعطاه للغير.
ولا فرق فيما ذكرناه بين ما كان المناط في تنجيز العلم الاجمالي نفس العلم أو تعارض الأصول، والوجه في ذلك أن جريان قاعدة اليد في المال المأخوذ لا مانع عنه، وأما المال الآخر الباقي تحت يد الجائر فهو غير مشمول للقاعدة، للعلم بحرمة التصرف فيه على كل من تقديري كونه غصبا وعدمه، وسيجئ بيان ذلك قريبا.
ومن هنا ظهر أنه لو كان للجائر مركوبان وأن أحدهما غصب فأباح أحدهما لشخص وأبقى الآخر في يده، فإنه جاز للمباح له أن يتصرف في ذلك، وأما لو أباح أحدهما وملكه الآخر ببيع ونحوه، فإنه يحرم عليه التصرف في كليهما.
ما استدل به على كراهة أخذ المال من الجائر مع العلم بوجود الحرام في أمواله والجواب عنه:
قوله: ثم إنه صرح جماعة بكراهة الأخذ (1).
أقول: كره جماعة أخذ الجائزة من الجائر مع قيام الحجة على الجواز، واستدلوا عليه بوجوه:
1 - أنه يحتمل أن يكون المأخوذ منه حراما واقعا، لكن قام الدليل على جواز تناوله ظاهرا فيكون مكروها.