القصد في ذلك كاعتبار قصد المالك في دفع ماله إليه، ولا نحتمل أن يلتزم بذلك أحد.
ويتضح ما ذكرناه بمراجعة الوجدان، وبالنظر إلى سيرة العقلاء، فإنهم لا يعتبرون القصد المذكور في دفع أموال الموكلين والمولى عليهم إليهم أو إلى وكلائهم وأوليائهم.
ثم إنه إذا جاز دفع اللقطة إلى الحاكم كان الحاكم مكلفا بجميع أحكامها من وجوب الفحص وغيره، وإذا ظهر مالكها بعد التصدق أعطي بدلها من بيت المال، فقد ثبت في الشريعة أن ما أخطأت القضاة فهو من بيت المال وما نحن فيه من صغرياته.
الرابع: فيما علم اجمالا اشتمال الجائزة على الحرام:
قد ذكر المصنف هنا أن ما علم اجمالا اشتمال الجائزة على الحرام يقع على وجوه، لأن الاشتباه أما أن يكون موجبا للشركة والإشاعة كخلط الخل بالخل والسمن بالسمن والحنطة بالحنطة، وأما أن لا يكون موجبا لذلك كما إذا اشترى فراشا وغصب فراشا آخر واشتبه أحدهما بالآخر.
وعلى الأول فأما أن يكون المالك ومقدار المال معلومين، وأما أن يكونا مجهولين، وأما أن يكونا مختلفين، فإذا كانا معلومين فلا شبهة في وجوب رد المال إلى صاحبه، وإن كانا مجهولين فالمورد من صغريات المال الحلال المختلط بالحرام فيجب فيه الخمس، وإن كانا مختلفين فإن كان القدر معلوما والمالك مجهولا فقد تقدم تفصيله في الصورة السابقة، وإن كان القدر مجهولا والمالك معلوما وجب التخلص عن اشتغال الذمة بالمصالحة مع المالك.