التنبيهات:
1 - حكم الاضرار بالناس مع الاكراه:
قوله: وينبغي التنبيه على أمور، الأول.
أقول: قد عرفت أنه لا شبهة في أن الاكراه يسوغ الدخول في الولاية من قبل الجائر، وكذلك لا شبهة في جواز العمل للمكره بما يأمره الجائر من المحرمات ما عدا هراقة الدم، فإن التقية إنما شرعت لتحقن بها الدماء فإذا بلغت الدم فلا تقية فيه.
وإنما الاشكال في أنه هل يجوز الاضرار بالناس إذا أكره على الاضرار بهم، كنهب أموالهم وهتك أعراضهم، وايقاع النقص في شؤونهم وعظائم أمورهم، سواء كان الضرر الذي توعد به المكره أقل من الضرر الذي يوجهه إلى الغير أم أكثر، أو لا بد من الاقدام على أقل الضررين وترجيحه على الآخر.
ذكر المصنف (رحمه الله) أنه قد يقال بالأول، استنادا إلى أدلة الاكراه ولأن الضروريات تبيح المحظورات، وقد يقال بالثاني، إذ المستفاد من أدلة الاكراه أن تشريع ذلك أنما هو لدفع الضرر، وواضح أنه لا يجوز لأحد أن يدفع الضرر عن نفسه بالاضرار بغيره حتى فيما إذا كان ضرر الغير أقل فضلا عما إذا كان أعظم.
والوجه في ذلك أن حديث رفع الاكراه والاضطرار مسوق للامتنان على الأمة، ومن المعلوم أن دفع الضرر عن نفسه بالاضرار بغيره على خلاف الامتنان، فلا يكون مشمولا للحديث، ثم إنه (رحمه الله) اختار الوجه الأول، واستدل عليه بوجوه سنذكرها.
وتحقيق المقام يقع في ثلاث نواحي: