ومما يؤيد أن الكذب ليس مطلقا من الكبائر ما ورد في مرسلة سيف بن عميرة (1) من التحذير عن الكذب الصغير والكبير، فإن انقسام الكذب إلى الصغير والكبير يدل على عدم كونه مطلقا من الكبائر، إلا أن الرواية مرسلة.
وفي رواية ابن الحجاج (2) ما يشعر بعدم كون الكذب مطلقا من الكبائر.
ولكن الذي يعظم الخطب ما تقدمت الإشارة إليه في مبحث الغيبة، من أنه لا أثر لهذه المباحث، فإن الذنوب كلها كبيرة وإن كان بعضها أكبر من بعض، ولذا اختلفت الأخبار في تعدادها، ولو سلمنا انقسامها إلى الصغيرة والكبيرة فإن جميعها مضرة بالعدالة، فإن العدالة هي الاستقامة والاعتدال، فأي ذنب ارتكبه المكلف فإنه يوجب الخروج عنها.
حرمة الكذب في الهزل والجد:
هل يحرم الكذب مطلقا وإن كان صادرا بعنوان الهزل، أو تختص حرمته بالكذب الجدي؟ فنقول:
إن الكذب المسوق للهزل على قسمين، فإنه قد يكون الهازل بكذبه مخبرا عن الواقع ولكن بداع المزاح والهزل، من دون أن يكون اخباره مطابقا للواقع، كأن يخبر أحدا بقدوم مسافر له أو حدوث حادث أو