2 - لا يجوز للجائر أخذ الصدقات والمقاسمات من الناس:
هل يجوز للجائر أخذ الصدقة والخراج والمقاسمة من الناس أم لا؟
وعلى القول بالجواز فهل تبرء ذمته إذا أعطاها لغير أهلها أم لا؟
قد يقال: إن الولاية في زمان الغيبة وإن كانت راجعة إلى السلطان العادل الذي وجبت على الناس طاعته وحرمت عليهم معصيته، فإذا غصبها غاصب وتقمصها متقمص كان عاصيا وآثما، إلا أن هذه الولاية الجائرة تترتب عليها الأحكام الشرعية المترتبة على الولاية الحقة، من حفظ حوزة الاسلام وجمع الحقوق الثابتة في أموال الناس وصرفها في محلها وغير ذلك، لأن موضوع تلك الأحكام هو مطلق السلطنة، سواء أكانت حقة أم باطلة، كما إذا وقف أحد أرضا وجعل توليتها لسلطان الوقت.
وعلى الجملة أن المحرم إنما هو تصدي الجائر لمنصب السلطنة لا الأحكام المترتبة عليها، فإنها لا تحرم عليه بعد غصبه الخلافة وتقمصها، هذا غاية ما يمكن أن يقال في جواز تصدي الجائر للأمور العامة.
ولكن يرد عليه: أن هذا الاحتمال وإن كان ممكنا في مقام الثبوت إلا أنه لا دليل عليه، وعلى هذا فالجائر مشغول الذمة بما يأخذه من حقوق المسلمين ما لم يخرج من عهدتها.
وذهب السيد في حاشيته (1) إلى براءة ذمة الجائر لوجه آخر، وحاصله:
أن الأئمة (عليهم السلام) وهم الولاة الشرعيون، قد أذنوا لشيعتهم في شراء الصدقة والخراج والمقاسمة من الجائر، ويكون تصرفه في هذه الحقوق الثلاثة كتصرف الفضولي في مال الغير إذا انضم إليه إذن المالك، وحينئذ