قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال (عليه السلام): ذلك السحت (1).
وفيه: أن الرواية محمولة على الصورة الثالثة، من عدم كونه قابلا للقضاوة، لأنه إذا كان جامعا للشرائط لا يحرم ارتزاقه من بيت المال أو من جوائز السلطان، وهو واضح، ويمكن حملها على كون الرزق أجرة على القضاء، فقد عرفت أن أخذ الأجرة على القضاء حرام.
جواز أخذ القاضي للهدية:
قوله: وأما الهدية، فهي ما يبذله على وجه الهبة.
أقول: قد عرفت حكم الرشوة والأجرة على الحكم والقضاء، وأما الهدية ففي حرمتها خلاف، وهي كما عن المصباح (2) العطية على سبيل الملاطفة.
ثم إنها قد تكون للملاطفة والتودد فقط، بحيث لا مساس لها للدواعي الأخرى.
وقد تكون على وجه الهبة لتورث المودة التي توجب الحكم له حقا كان أم باطلا، إذا علم المبذول له أن ذلك من قصد الباذل وإن لم يقصد هو إلا الحكم بالحق.
وقد تكون لأجل الحكم للباذل ولو باطلا ولكن المبذول له لم يكن ملتفتا إلى ذلك وإلا لكان رشوة محرمة.
وقد تكون متأخرة عن الفعل المحرم ولكنها بداعي المجازاة وأداء الشكر.