وأولى بالجواز من ذلك جرح الرواة الضعفاء، إذ يتوقف عليه حفظ الدين وصيانة شريعة سيد المرسلين، وقد جرى عليه ديدن الأصحاب في جميع الأمصار والأعصار، ودونوا في ذلك كتبا مفصلة لتمييز الموثق منهم عن غيره، بل على هذا سيرة الأئمة (عليهم السلام).
ويؤمي إلى هذا قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا (1)، فإن التبين عن حال الفاسق الحامل للخبر لا يخلو عن الجرح غالبا.
ومن هنا يظهر حكم الشهادة على الناس بالقتل والزناء، والسرقة والقذف وشرب الخمر ونحوها لإقامة الحد عليهم، وقد ثبت جواز الشهادة بل وجوبها بالكتاب والسنة المعتبرة، كما يظهر ذلك لمن يراجع أبواب الشهادات.
8 - جواز الاغتياب لدفع الضرر عن المقول فيه:
جواز الاغتياب لدفع الضرر عن المغتاب - بالفتح - كما إذا أراد أحد أن يقتله، أو يهتك عرضه، أو يأخذ أمواله، أو يضره بما يرجع إليه، فإن غيبته جائزة لدفع الأمور المذكورة عنه، فإن حفظها أهم في الشريعة المقدسة من ستر ما فيه من العيوب، بل لو اطلع عليها المقول فيه لرضي بالاغتياب طوعا.
وقد حمل المصنف على هذا ما ورد في ذم زرارة بن أعين (رحمه الله) من الأحاديث المذكورة في كتب الرجال (2)، واستوضح ذلك من صحيحة الكشي الصريحة في تنزيه زرارة وتقديسه عن المطاعن والمعائب (3)،