وفيه: أنه لو كان الاحتمال موجبا لكراهة التصرف في المأخوذ من الجائر لوجب الالتزام بكراهة التصرف فيما أخذ من أي أحد من الناس حتى المتورعين في أمورهم، لوجود الاحتمال المذكور في أموالهم، مع أنه لم يلتزم بها أحد في غير جوائز السلطان.
2 - الأخبار الكثيرة (1) الدالة على حسن الاحتياط، كقوله (عليه السلام): دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وقولهم (عليهم السلام): فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، وكقوله (عليه السلام): الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وكقول علي (عليه السلام) لكميل بن زياد: أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت، وفي الحديث: إن لكل ملك حمى وحمى الله محارمه، فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه، وغير ذلك من الروايات.
وفيه: أنه إن كان المراد بالريب أو الشبهة التي جعلت موضوعا للحكم في هذه الأخبار الريب في الحكم الظاهري، بأن كانت واقعة خاصة مشتبهة في حكمها الظاهري، فهو ممنوع في المقام، لارتفاعه بقاعدة اليد التي ثبت اعتبارها في الشريعة المقدسة.
وإن كان المراد به الريب في الحكم الواقعي، فالأموال كلها إلا ما شذ وندر مشتبهة من حيث الحكم الواقعي، حتى الأموال الموجودة في أيدي عدول المؤمنين، لوجود احتمال الحرمة الواقعية في جميع ذلك، ولازم ذلك أن يحكم بكراهة التصرف في جميع الأموال غير ما أخذ من المباحات الأصلية.
وعلى هذا فطريق التخلص من الكراهة أن يعامل بها معاملة مجهول المالك، كما كان ذلك دأب بعض الأعلام من السادة.